أقسام المدونة

السبت، 5 فبراير 2011

رسالة إلى ابنى للدكتور فاخر عقل


النص
بنى :
أولُ ما أُحبُّ أن أفتحَ عينك عليه حقيقةٌ مُهمَّةٌ وأساسيةٌ، ألا وهي تغيُّر الزمانِ، وتطوُّر العمر، والحقُّ أن الزمانَ كان دائمَ التغيُّر، أبديَّ التَّطور، لكنِّي أُريدك أن تلاحظَ أن تطورَ زمانِنا غَيْرَ تَطوُّرِ الأزمنةِ السابقة، وأن تغيّر عصرنا متسارعٌ بشكلٍ يكادُ يدير الرأس، ويضِيعُ التوَّازن.
إننا في هذه الأيام، نستقبلُ مع شروق كل شمس تغييراً جديداً، لا في معارفنا عنِ الحياة حولنا، ولا في المخترعات والمكتشفات والتطبيقاتِ العلمية التي نعيش في نعمائِها، ولا في الحقائقِ التى نعرفها عن ذواتنا فحسب، ولكن وبالإضافة إلى ذلك كله فى المواقفِ الاجتماعيةِ والمفاهيمِ الإنسانية والعَلاقات البشريَّة، وهى أمورٌ – لو علمت – بالغةُ الخطورة. ومن هنا كانت الحقيقةُ البارزة التي تقول: إن العلمَ والتعلمَ والتعليم هي المفاتيحُ الأساسية للحياة الإنسانية المتطلعة أبداً إلى ما هو أحسن.
أى بنى : لقد منحك الخالقُ – عزَّ وجلَّ – عقلا وأعطاك حريةً، ثم قال لك خُضْ معركةَ الحياة، فلماذا تتخلَّى عن هذين السلاحَيْن الماضيين؟ ! لماذا تُعَطِّل عقلَكَ، وتتنازلُ عن حريتك؟ وتتركُ نفسك ريشةً تتقاذفُها عواصف الحياة ورياح الصُّدَف؟ أفِدْ من عقلِك، فى صياغة أهدافِك فى الحياة، واحرصْ على حريتك فى اختيار طريقك فيها واجتهد في سبيل ذلك ودافع عنه.
اختيارك لعملك على أساسٍ من قدراتك وميولك وقيمة هذا العمل لمجتمعك، ومن واجبي أن أفتح بصيرتَك على حقيقةٍ مُهِمَّةٍ جدًّا فيما يخصّ عملك، وهي أن عصرَك الذى تعيشُ فيه عصرُ علمٍ وثقافةٍ وتخصّصٍ؛ إذن فلا غنى لك في عملك وإتقانك إيَّاه عن هذا التخصّصِ الدّقيقِ القائمِ على أساسٍ واسع من ثقافةٍ صحيحةِ، وهنا دَعْنِى أكشفْ لك سرًّا خطيرا، وأعني به سر السعادة، السعادة أيها الحبيبُ فى القيامِ بالعملِ الذي تحبُّ على الوجهِ الأكمل وبالجُهدِ الازم. حَذَارِ أن تظنَّ أن السعادةَ تطرقُ بابَ الكسلانِ، أو تأتي عن طريقِ الأعمال السَّهلةِ، أو تنبعُ من الأعمالِ الروتينية، وما كانت الأخلاقُ - ولا يمكنُ أن تكون - مجردَ قواعدَ وأوامرَ وزواجرَ، وإنما هي - قبل كل شيء - عقيدةٌ وإيمانٌ، ونيَّةٌ وموقفٌ. ولا تفهمْ من كلامي أبداً أن تستهينَ بالقواعدِ والأوامرِ والنواهي، ولكن افهم أن الأعمالَ بالنيّات، وأن الخُلُقَ الحسن فى سلامةِ النيةِ وحُسْن الطَّوِيَّةِ، وطيبِ المعاملة.  حاسبْ نفَسك، وانظرْ فى أعمالِك وأقوالِك، دِّققْ فى مواقِفِك ودوافعك، وقِفْ من هذا كلِّه موقفًا موضوعيًّا لا يقبلُ التبرير، ولا يلتزمُ التزمتَ. إنَّ من صميم الأخلاق الفاضلة أن يتطابقَ قولُك وعملُك فى حدودِ الاستطاعةِ البشريةِ، وأن يتوازنَ عدلُكَ ورحمتُكَ، وأن يتعاونَ حقُّك وواجبُك، وأن تتناسقَ حريتُك وحريةُ الآخرين وهكذا.
ولدى العزيز : صحتُك - يا بنيَّ - شرطٌ رئيس لتحقيقِ جميعِ ما حدّثتُك عنه، ودعوتُك إليه. وطلبُ العلمِ جُهْدٌ ومشقَّةٌ، والتزامُ أوامرِ الأخلاقِ ونواهيها يُكَلِّفُ الجسد أَعباءً جِساماً. وخدمةُ الوطنِ والإنسانيَّةِ تقتضي من الجسم عرقاً وكدًّا؛ فاحرصْ على التَّمتُّع بالصَّحة الجيدة، ولو سألتَني عن سرِّ الصِّحة الطيبة لقلتُ لك: إنه الاعتدالُ والقَصْد. اِلْعَبْ يا بنى، اِلعبْ فى كلِّ عُمْرٍ، وجدِّد قُواك بالرياضة، وإلا فإنَّ هذه الآلةَ الرائعةَ المسمَّاة جسدك ستفنَى وتَخْتَل.أما الهوايات فأنا أعرفُ أن لك بعضَها، من مثِل: القراءةِ،وجمعِ الطوابع، ولا تنسَ أن تكونَ مَرِحاً متفائلا .
وبعدُ أيُّها الولدُ الحبيبُ: لقد أَطَلْتُ عليك، ولكننى أحببتُ أن أُحدِّثكَ عن كلِّ ما اعتقدتُ أنَّ من واجبي أن أبسطَه لك، وأن أبصِّرَك به، وإني لأعلمَ علمَ اليقين أن حياتَك ملكُكَ وأنَّكَ أنت الذي ستحياها وبطريقتك؛ ولذلك فما أردتُ فقط أن أفرضَ عليك مفاهيمي وطريقةَ تفكيرى ونمطَ حياتي، معاذَ الله، متَّعَكَ الله بالسَّعادة، وجنَّبك مزالقَ الحياةِ، وعصمك من الزَّلل، وجعلك عضواً نافعاً لمجتمعك، لائقاً بإنسانيتك.

=====================================================
المعانى:
حقيقة: واقع   مهمة: ضرورية     أساسية:رئيسية
أبدى: دائما      التقدم: التطور       متسارع: متزايد
معارف: علوم والمفرد معرفة        المتطلعة: الطموحة
منحك: وهبك    خض: اقتحم       صياغة: تكوين
حذار: احذر     أعباء: أحمال       جسام:  عظيمة ومفردها جسيم
نمط؟ شكل والجمع أنماط            التبرير: التعليل
=====================================
مظاهر الجمال
- بنى : أسلوب نداء حذف حرف النداء للدلالة على الحب و القرب من القلب .
- أولُ ما أُحبُّ أن أفتحَ عينك عليه حقيقةٌ مُهمَّةٌ : شبه الحقيقة بشىء مادى يُرى.
- تغيُّر الزمانِ - وتطوُّر العمر : ترادف للتوكيد  ومثلها  دائمَ التغيُّر- أبديَّ التَّطور : ترادف للتوكيد 
- عصرنا  متسارع بشكل يدير الرأس و يضيع التوازن : تعبير يدل على شدة التغير


- يدير الرأس - يضيع التوازن : ترادف للتوكيد     إننا في هذه الأيام : أسلوب مؤكد بإن
- تستقبل مع شروق كل شمس تغييرًا جديدًا :تعبير جميل يوضح أن الزمان في تغير مستمر.
- لكن : تدل على الاستدراك لمنع الفهم الخاطىء
- وهى أمورٌ – لو علمت – بالغةُ الخطورة:  ( لو علمت ) جملة اعتراضية للتوكيد و التنبيه
- إن العلمَ والتعلمَ والتعليم هي المفاتيحُ الأساسية للحياة : شبه العلمَ والتعلمَ والتعليم بالمفاتيح ، و أسلوب مؤكد بإن
- أى بنى : أسلوب نداء للدلالة على الحب و القرب من القلب .
- لقد منحك الخالقُ : أسلوب مؤكد بـ ( لقد )
- فلماذا تتخلَّى عن هذين السلاحَيْن الماضيين؟ !: أسلوب استفهام للتعحب
- تتركُ نفسك ريشةً : شبه النفس بالريشة
- أفِدْ ، احرصْ ، اجتهد : أفعال أمر للنصح و الإرشاد
- أكشفْ ،  سرًّا  : تضاد يبرز المعنى و يوضحه
- حَذَارِ : أسلوب أمر للنصح و الإرشاد
- السعادةَ تطرقُ بابَ الكسلانِ : شبه السعادة بإنسان يطرق الباب
- ولا يمكنُ أن تكون : جملة اعتراضية للتوكيد و التنبيه
- أوامرَ ،  زواجرَ : تضاد يبرز المعنى و يوضحه
- يتعاونَ حقُّك وواجبُك : شبه الحق و الواجب ببشر يتعاونون
- ولدى العزيز : أسلوب نداء حذف حرف النداء للدلالة على الحب و القرب من القلب .
- لقلتُ لك : أسلوب مؤكد باللام       وإني لأعلمَ علمَ اليقين : أسلوب مؤكد بإن و اللام
- وأنَّكَ أنت الذي ستحياها : أسلوب مؤكد بالضمير الظاهر
     -  معاذَ الله، متَّعَكَ الله بالسَّعادة، وجنَّبك مزالقَ الحياةِ، وعصمك من الزَّلل، وجعلك عضواً نافعاً لمجتمعك، لائقاً بإنسانيتك : أساليب دعاء

هناك 7 تعليقات:

  1. تسلم ايدك
    بارك الله لك
    شرح واف كالمعتاد

    ردحذف
  2. ولا يمكن ان تكون. ما فائدة ذكرها بعد التعبير وما كانت الاخلاق

    ردحذف
  3. بارك الله فيكم ... أفدتونا جزاكم الله خيرا ... استمروا
    موقع جميل=)

    ردحذف
  4. معلومات ارييد عن الكاتب

    ردحذف

ضع تعليقك هنا