أخبار المدونة

 
هام||
مرحبا بكم فى المدونة وأرجو أن تستفيدوا منها ولا تنسونا بالدعاء
 

الخميس، 2 ديسمبر 2010

تلخيص قصة طموح جارية

1
صعد المؤذن المئذنة وخرج إلي شرفتها ، ورفع صوته الجميل بالتوسل إلى الله أن يجمع كلمة العرب ، ليتمكنوا من القضاء على الفرنج الذين اغتصبوا أجزاء من الشام ورفعت ( شجرة الدر ) كفيها تدعو الله أن يجيب دعاء المؤمنين ، وأن ينتقم من الطغاة الظالمين وكانت واقفة في شرفة القصر ، فلما انتهى المؤذن دخلت القصر وأدت الصلاة ، ثم جلست على أريكتها وسرحت بخيالها إلي مصر الجميلة وشعبها الكريم ، وقالت في نفسها : إن من يملك مصر يستطيع أن يفعل الكثير فمصر قوة هائلة بشعبها وجيشها مع جيش الشام تستطيع أن تصد الفرنج وتهزم التتار ولكن كيف السبيل إلي حكم مصر ؟
وهناك عقبات كثيرة منها :
* سوداء بنت الفقيه :-  زوجة السلطان ( الكامل ) حاكم مصر الذي حرضته على خلع ابنه ( نجم الدين ) من ولاية العهد و إبعاده والياً لبعض الثغور وتعيين ابنها ( سيف الدين ) ولياً للعهد مع أنه الأصغر .
* التتار الذين يكتسحون البلاد العربية . * وكذلك الروم بجيوشهم الكثيرة . * وأمراء بنى أيوب المتنازعون . * الحاجة إلي جيش قوي .
     نعم العقبات كثيرة ولكن الأمل غال يستحق أن نضحي في سبيله وبينما هي غارقة في أفكارها سمعت صوتاً يناديها لتذهب إلى زوجها ( نجم الدين ) فأسرعت إليه وجلسا يتحدثان وأخبرته بأملها في حكم مصر وفي العقبات التي تقف في طريقها فقال لها : هناك عقبة هامة وهى الحاجة إلي جيش قوى نواجه به الأعداء ونحقق به الآمال فقالت له : أنسيت قومي الخوارزمية ؟ إنهم محاربون أقوياء وسأعمل على تقوية علاقتك بهم ليساعدوك في وقت الحاجة فشكرها وقال لها :( إنك خير عون لى في هذه الحياة ) .
2
قامت ( شجرة الدر ) بتقوية العلاقة بين زوجها ( نجم الدين ) وقومها ( الخوارزمية ) وبينما هو منهمك في مواجهة أعدائه على حدود الشام فوجئ بخبر وفاة أبيه ( الكامل ) في 12 من رجب سنة 635هـ ، واتفاق الأمراء على ما يأتي :-
* تولية ( سيف الدين بن سوداء ) ملك مصر والشام باسم ( العادل ) .      * ينوب عنه في ( دمشق ) ابن عمه ( الجواد مظفر الدين ) .         * يبقى ( نجم الدين ) كما هو أميراً على الثغور بالشام  .
       وكان هذا الخبر مفاجأة ( لنجم الدين ) كأنه صاعقة ليس لفقده ملك مصر ، وإنما لما سيحدث للدولة الواسعة من تفرق وانقسام بين الأمراء الأيوبيين منتهزين ضعف الملك الجديد وضعف الإدارة التي ستعاونه . فجعل يستعرض جيشه الذي لا يقدر على مواجهة هذه الأخطار ، ولم ينس عدوه اللدود ( بدر الدين لؤلؤ ) أمير الموصل ولا غيره من الطامعين .
ولما ضاق صدره بهذه الأفكار استشار ( شجرة الدر ) في الموقف وأخبرها بعزمه على الانسحاب من حصاره مدينة ( الرحبة ) وهى من ثغور الشام ليتفرغ للموقف الخطر فوافقته قائلة : ( خيراً تصنع ) .
وفي أستار الظلام انسحب بجنوده من ( الرحبة ) ولكنه فوجئ برجال مسلحين يطاردونه ، وعلم أنهم من ( الخوارزميين ) الذين اختلفوا معه بسبب مطامعهم فأفلت منهم ولجأ إلى قلعة ( سنجار ) .
ولكن ( بدر الدين لؤلؤ ) أسرع بحصارها مهدداً ( نجم الدين وشجرة الدر) بالقبض عليهما . وهنا ظهرت ( شجرة الدر ) بفكرتها التي أنقذت الموقف حيث طلبت استدعاء القاضي ( بدر الدين الزرزارى ) قاضى ( سنجار ) وأمرته بحلق لحيته حتى لا يعرفه أحد وبإنزاله بالحبال من أسوار القلعة حتى لا يراه الأعداء وأعطته كتاباً إلى قومها ( الخوارزمية ) تطلب منهم المساعدة العسكرية .
فهم أهلها ومعقد آمالها  فأسرعوا بنجدتها وحاصروا جيوش ( بدر الدين ) ففر بجيشه كما ذهب بعض ( الخوارزمية ) إلى ( آمد ) ليخلصوها من ( غياث الدين الرومي ) وينقذوا ( توران شاه ) ابن ( نجم الدين ) من الحصار.
3
بعد أن تحقق لنجم الدين الانتصار على ( بدر الدين لؤلؤ ) وعلى ( غياث الدين الرومي ) وتم إنقاذ ابنه ( توران شاه ) من الحصار انتقل إلى حصن ( كيفا ) على حدود التركستان وبدأ يفكر في أفضل الطرق للوصول إلى عرش مصر . ولم يكن لديه أخبار عن مصر ولا عن أنصاره هناك فكان في قلق شديد . ولما اشتد به القلق خرج إلى شرفة من شرفات الحصن ، ( وشجرة الدر ) بجانبه تحاول التخفيف عنه ، فجاءه أحد الخدم يستأذن لتاجر قادم من القاهرة اسمه ( أبو بكر القماش ) فأذن له ، وقدم له التاجر ديناراً جديداً مضروباً باسم الملك ( العادل سيف الدين ملك مصر والشام واليمن ) فجعل ( نجم الدين ) يسأله عن أحوال مصر وعن أحوال الأمراء والقواد والملك فحكى له ما حدث من احتفال بالملك الجديد والتفاف الفاسدين والطامعين حوله ، وانغماسه في اللهو والشراب والنساء واعتقاله الشرفاء والناصحين وفي مقدمتهم الأمير ( فخر الدين بن شيخ الشيوخ ) . كما أخبره ( القماش ) باتفاق الملك ( العادل ) مع ( الجواد ) نائب دمشق على أن يعطيه ( الشوبك - الإسكندرية قليوب - عشر قرى من قرى الجيزة ) في مقابل أن ينزل ( لداود ) صاحب الكرك عن ( دمشق ) وزيادة في الخديعة طلب منه أن يُسرع إلي قلعة الجبل بمصر ليكون بجانبه يعمل برأيه فهو محتاج إليه . ولكن ( الجواد ) لم ينخدع بذلك ، وفكر في أن يستعين ( بنجم الدين ) . وبينما ( أبو بكر ) يتحدث مع ( نجم الدين ) إذا برسول أقبل من عند ( الجواد) برسالة يطلب فيها من ( نجم الدين ) أن يعاونه فعرض الرسالة على ( شجرة الدر ) التي أعلنت موافقتها على ما عرضه ( الجواد ) من مقايضته ( دمشق ) يأخذها ( نجم الدين ) مقابل حصن ( كيفا ) و ( سنجار ) يأخذهما ( الجواد ) وقد أسرع ( نجم الدين ) بالموافقة فاشتد سرور ( أبى بكر القماش ) وقال : صفقة رابحة يا مولاي وقالت ( شجرة الدر ) : زاد الأمل إشراقاً يا مولاي فليس بعد دمشق سوى مصر ، فالمسافة تستغرق ثمانية عشر يوماً بالسير البطيء. قال نجم الدين : والعوائق يا ( شجرة الدر ) ؟ قالت : لا شئ يقف أمام إرادة  ( نجم الدين ) .
قال أبو بكر : أخشى أن يفكر ( الجواد ) في الأمر مرة أخرى فيرجع عن رأيه فأجابه ( نجم الدين ) : لن نترك له فرصة للتفكير أما أنت يا ( أبا بكر ) فارجع إلي مصر ونفذ تعليماتي بتهيئة الجو لدخولي مصر وأجمع الأمراء الداعين إلي الإصلاح وبلغ تحياتي إلى ( فخر الدين بن شيخ الشيوخ ) المعتقل بقلعة الجبل وبشره بقرب الخلاص من الظلم وعلم الناس في ( دمشق ) بالخبر فسعدوا بقدوم ( نجم الدين ) الذي دخلها في أول جمادى عام 636هـ ومعه ( شجرة الدر ) في هودجها سعيدة بتحقيق آمالها .
5
استقر ( نجم الدين وشجرة الدر ) في ( دمشق ) وقد سعدا بذلك ولكنهما كان يفكران في الوصول إلى مصر وكيف يتغلبان على مكر الأمراء الأيوبيين وخبث الفرنجة المتعصبين ، وتدبير ( سوداء بنت الفقيه ) وكيد أتباعها المنتشرين في كل مكان .
ولكن ( شجرة الدر ) كانت تثق في توفيق الله وعزيمة زوجها ( نجم الدين ) لإزالة تلك العقبات فشكرها ( نجم الدين ) على حلاوة كلامها وثقتها فيه . وبينما هما يتحدثان جاء الحارس يعلن وصول ( مجير الدين وتقي الدين ) عمى ( نجم الدين ) اللذين فرا من مصر ومن شر ( العادل ) طالبين من نجم الدين تخليص أرض مصر الطاهرة من ( العادل ) ومن حاشيته الفاسدة .
فكر ( نجم الدين ) فيما سمع واقتنع فهو يعرف أن مصر قوة عظيمة يستطيع أن يضرب بها الفرنجة الضربة القاضية ، فهو لا ينسى جرائمهم في دمياط وأخذه أسيراً حين هاجموها في عهد والده ( الكامل ) سنة 615هـ كما لا ينسى رغبة ( شجرة الدر ) في القضاء عليهم بسبب ما فعلوه في قومها من قبل . لذلك أرسل يطلب معاونة عمه الصالح ( إسماعيل ) ليساعده في دخول مصر ولم ينتظر وصوله فسار حتى بلغ نابلس فاستولى عليها وانتظر حتى يصل ( إسماعيل ) . ولكن قبل أن يصل كتابه إلى عمه ( إسماعيل ) كانت ( ورد المنى ونور الصباح ) قد أبلغتا ( إسماعيل ) باتفاق ( نجم الدين والجواد ) وتحذيره من خطورة ذلك عليه ، فرد عليهما يحثهما على نشر الفرقة بين جنود ( نجم الدين ) وقامتا بذلك واتصلتا ( بمجير الدين وتقي الدين ) لتحذيرهما من أطماع ( شجرة الدر ) فانخدع الرجلان بذلك وعاونا في إشاعة الفرقة بين أتباع ( نجم الدين ) وفي أثناء ذلك جاءت الأنباء بهجوم ( إسماعيل ) على ( دمشق ) وحصار ( المغيث بن نجم الدين ) الذي كان حاكماً لها واستشار ( نجم الدين ) عميه ( مجير الدين وتقي الدين ) في الموقف فأشارا عليه بالذهاب إلى دمشق ليؤدب عمه ( إسماعيل ) وجنوده وكانت ( شجرة الدر ) ترى الاستمرار في التقدم إلى مصر ولكن ( مجير الدين وتقي الدين ) أخذا أتباعهما واتجها إلي دمشق وتركوا ( نجم الدين ) وليس معه سوى ( شجرة الدر ) وأتباعه  وقالت ( شجرة الدر ) ( لنجم الدين ) : كل الأمراء حاقدون عليك ولن ينفعك سوى تكوين جيش من غلمانك الذين تنشئهم على طاعتك فوافقها ولكن سألها : كيف نخرج من مأزق اليوم ؟
قالت : الأمل في ( داود ) صاحب الكرك فهو في حاجة إلينا لنعاونه على أن يأخذ دمشق فيرد الجميل بمساعدتنا وأسرع ( نجم الدين ) بإرسال هذا العرض إلى ( داود ) فوراً .
6
ترك ( داود ) مصر لعدم رضاه عن ( العادل ) وجاء إلى ( الكرك ) وأرسل إلى ( نجم الدين ) فماذا يريد منه ؟ .وبينما ( نجم الدين ) يفكر في ذلك جاءه ( عماد الدين بن موسك وسنقر الحلبي ) وقدما إليه التحية والتعظيم فسألهما عن ( داود ) فأخبراه أنه في قلعة ( الكرك ) كارهاً ( للعادل ) وفساد حاشيته ، ويريد أن يفتح معك صفحة جديدة  . ففكر ( نجم الدين ) طويلاً في انقلاب ( داود ) من عدو لدود إلى صديق حميم وأحس رائحة الخيانة في الأمر وبينما هو يتحدث مع ( شجرة الدر ) في هذا الموقف إذا بأشباح تتحرك من بعيد ، وإذا بالأصوات ترتفع داعية إلى مواجهة ( الفرنج ) المهاجمين ، فطارد الفرسان هذه الأشباح حتى اختفت في الصحراء واختفي الجنود وراءها . وتساءل ( نجم الدين وشجرة الدر ) في دهشة عما حدث وأظهر شكه في أن يكون ذلك أمراً مدبراً لإبعاد جنوده عنه وصدق ظنه حيث وجد أمامه ( عماد الدين ومساعده ) يطلبان منه هو و( شجرة الدر ) ركوب بغلتين للقيام بزيارة لمريض حتى ينالا الثواب ، ( فالمرء يُثاب رغم أنفه ) وسار الركب حتى اختفوا في الظلام .
ولما علم ( العادل ) بنجاح خطته فرح هو وأمه ( سوداء ) وأتباعه من أهل مصر وطلب من ( داود ) إرسال ( نجم الدين ) مقيداً إليه في مصر نظير أربعمائة دينار وملك ( دمشق ) بينما اجتمع ( أبو بكر القماش ) وأعوانه الإصلاحيون في دار بحارة ( برجوان ) بالقاهرة للبحث عن حل لهذه المأساة .
7
ظل ( نجم الدين وشجرة الدر ) في سجن ( داود ) بالكرك تحت سيطرة الحراس القساة وكانت ( شجرة الدر ) تواسيه وتقول له : إن الله دائماً يعاونك وأن ( داود ) يطيل سجنك لينال ثمناً غالياً للإفراج عنك ، وبعد سبعة أشهر بعث ( داود ) إلى ( نجم لدين ) يعده بإطلاق سراحه والسير معه إلى مصر بشرط أن يأخذ ثمناً لذلك : ( دمشق   وحلب والجزيرة والموصل وديار بكر ونصف ديار مصر ونصف ما في الخزائن من المال ونصف ما عنده من الخيل والثياب وغيرها )  .
وكاد ( نجم الدين ) يرفض هذه الشروط القاسية لكنه تذكر نصيحة ( شجرة الدر ) له بأن يقبل كل الشروط فوافق ، ولما علمت ( ورد المنى ونور الصباح ) بهذا الاتفاق اشتد بهما الفزع خوفاً من ( شجرة الدر ) التي علمت بتدبيرهما ضدها وضد ( نجم الدين ) فأسرعتا بالكتابة إلى ( سوداء بنت الفقيه ) لإعلامها بما حدث فثارت وجمعت القواد وصاحت فيهم غاضبة أرأيتم ؟ اتفق ( داود ونجم الدين ) على التعاون ضد ( العادل ) وقد نصحتكم بإبقائه في مصر حتى نتمكن من ( نجم الدين ) ولكن لن ينجو ( داود ولا نجم الدين ) ، بينهما وبين مصر ما بين السماء والأرض وسوف أضعهما بين فكي الأسد بمحاصرتهما بين جيش ( العادل ) من مصر وجيش ( الصالح إسماعيل ) الزاحف من دمشق ، وبادرت بإرسال كتاب إلى ( الصالح إسماعيل ) فأسرع بالاستعداد لتنفيذ الخطة .
فرح دعاة الإصلاح بنجاة ( نجم الدين ) واجتمعوا في دار ( القماش ) لتنظيم دخوله مصر والتغلب على مكر ( سوداء ) واتفقوا على إشعال ثورة عنيفة في مصر حين يخرج ( العادل ) لمواجهة ( نجم الدين ) حتى يضطر إلى العودة سريعاً خوفاً من الثورة ، ودعوا الناس إلى خلع ( العادل ) و تولية من يصلح واتفقوا على إرسال بعض الأمراء إلى ( نجم الدين ) يحثونه على الإسراع بدخول مصر ويبشرونه بحب الشعب المصري العظيم له فهو شعب أصيل يصبر ولكنه لا يسكت عن حقه .
       وأسرع ( نجم الدين ) في الطريق إلى مصر ومعه ( القماش ) وأمراء المماليك و( داود ) صاحب الكرك الذي يُفكر في الثمن الذي يظن أنه سيقبضه حين يبلغ مصر وهودج ( شجرة الدر ) يهتز معلناً الفرحة حتى دخل الموكب بين ( العريش والعباسية ) من شرق مصر فقابلهم الشعب بالترحيب حتى نزلوا ( بلبيس ) في محافظة الشرقية الآن وكانت هناك معسكرات الجيش المصري تستقبل ( نجم الدين ) الذي وجد أخاه ( العادل ) مقيداً في إحدى الخيام فقال : هذا جزاء الظالمين . وأمر بالرحيل إلى القاهرة حيث دخلها بين الأفراح والترحيب ، و( شجرة الدر ) تود القبض على ( سوداء ) لتلقى جزاءها
8
منذ تولى الصالح ( نجم الدين ) حكم مصر عمل على إصلاح أحوالها وتطهيرها من الفساد الذي انتشر فيها أيام أخيه ( العادل ) وأمر بالإفراج عن المعتقلين الشرفاء وعلى رأسهم ( فخر الدين بن شيخ الشيوخ ) .أما ( شجرة الدر ) فكانت سعيدة بنجاح زوجها في خدمة شعبه الذي استقبله بسرور فقال لها : ( كثير منهم غير مخلصين في هذا الترحيب فهم يترقبون فرصة للخروج علينا . ولن تهدأ البلاد إلا بالتخلص من الفرنج والتطلع إلى السلطة يُغرى الجاهلين بالمظاهر البراقة ، ولست أدرى كيف أجمع حولي قلوب المخلصين ؟  ) . فقالت ( شجرة الدر ) : قلت لك رأيي قبل ذلك يا مولاي وهو :
(1) أن تُنشئ جيشاً من المماليك الذين تربيهم على طاعتك والإخلاص لك .
(2) وأن تبنى قلعة جديدة في روضة المنيل يحوطها النيل ويحميها وتلتف حولها المناظر الخلابة بدلاً من قلعة ( صلاح الدين ) التي فوقها الجبل والحياة فيها مملة وليس حولها موانع تحميها .
سعد ( نجم الدين ) بآراء ( شجرة الدر ) وقال لها : ( أنت خبيرة بالقلاع والحصون )  قالت : ( وخبيرة بالقلوب يا مولاي ) .
فأشفقت عليه من الحوار وطلبت منه أن يُؤجل ذلك لوقت أخر ويذهب ليستريح فقال لها : وهل يميل المصلحون إلى الراحة ؟ ثم قال : أريد أن أطمئن أولاً على أموال الدولة ودعا الوزير ومعين الدين بن شيخ الشيوخ ليحضرا ومعهما السلطان المخلوع ( العادل ) ليسأله عما أضاع من أموال الشعب وما نهب من خيراته  فعلم أن الخزانة خاوية ولم يبق فيها غير دينار واحد وجعل يُؤنبه على هذا الفساد والتبذير . وفي أثناء ذلك كان الجنود ينفذون أوامره بمهاجمة منازل الحاشية والمسئولين الذي نهبوا المال ومصادرة ما يجدون فيها من أموال .
وبات ليلته هادئاً مرتاح البال ، لأنه اطمأن على المال وقطع بقية الليل في بحث شئون الدولة مع وزيره المختص . و( شجرة الدر ) على علم بما يدور . وقام ( أبو بكر القماش ) بنقل كل ما يدور بين الناس ، ويبلغه إلى ( نجم الدين ) ، وذات يوم أقبل عليه يخبره أن بعض الأمراء يتآمرون عليه  مع الأمير ( داود ) كما أن ( سوداء ) عنده و( ورد المنى ونور الصباح ) وغيرهما ، فاهتز ( نجم الدين ) غاضباً وأمر بالقبض على الجميع حتى لا تتشعب الأمور فقالت ( شجرة الدر ) : بل نقبض على بعض الأمراء ويبعث مولاي إلى ( داود ) من يُوهمه بأنه سيقبض عليه فيرحل هارباً إلى الكرك فيكفينا شره وحينذاك يفرغ مولاي إلى الأمراء ويأخذهم واحداً واحداً فنحن لا نزال في أول الطريق.

ليست هناك تعليقات: